20 , أبريل 2024

القطيف اليوم

واحدَودبَ الظّهرُ!

عادةً ما يصطفّ حفيدي إلى جانبي ويقول: انظر انظر، أنا أطولُ منك! أقول له: لا تعجل، أنت تطول قامتك مثل الخيزران كلّ يوم وأنا أقصر، مسير الحيّ يتلاقى وتصبح أطولَ من جدّك! هذه حقيقة الحياة، نكبر ونفقد من طولنا ومن قوتنا، ونردّ إلى أرذلِ العمر! يا صغيري: لو كان أثر السنوات فقط في قوس ظهر، لكن ذلك هينًا! زر المشفى ساعةً وانظر؛ واحدٌ في كرسي، وثانٍ يمشي على عصا، يتمايل يمينًا ويسارًا، وآخر فيه أمراض خفيت على الناس.
القارئ العزيز، إن أنت - الآن - شابّ فأنت تشاهد أباكَ وأجدادك يبدأون ببطء في الانحناء أثناء المشي. يومًا بعد يوم يبدو أن قامتهم تصبح أقصر مع تقدم العمر. ربما لم تفكر كثيرًا في ذلك حينها، لكنك عندما يتقدم بك العمر يحصل لك ما يحصل لهم! يعد فقدان القليل من الطول مع تقدمنا في السن أمرًا طبيعيًا. على مر السنين، تتسطح الأقراص الموجودة بين فقراتِ العمود الفقري، وتبدأ عضلاتنا في فقدان الكتلة وتضيق المسافات بين المفاصل. ومع ذلك، فإن الخسارة الكبيرة في الطول يمكن أن تشير إلى هشاشةِ العظام، كما يقول المختصون في أمراض الروماتيزم.
أشياء كثيرة ينصح بها المختصون للتخفيف من تقوس الظهر واعوجاجه، ومنها الرياضة. في هذه الأيام يعتدل الطقس وبإمكان من كبروا التريض، هذا ينفع! وعلى أبناء الجيل الحاضر والقادم أن يحذروا كثيرًا من طأطأةِ الرأس والرقبة أثناء استعمال الهاتف النقّال والأجهزة الحديثة لفترات طويلة، لما لها من تأثير على الرقبة والكتف وكذلك العمود الفقري. والقراء الكرام مدعوون لملاحظة هذه العادة عند أبنائهم وبناتهم وأحفادهم!
{أرْذَل العُمُرِ}، يقال إنها مرحلة سن 75 عامًا، أو 90 أو 95 عامًا. والحقيقة أن أرذل العمر قد يحصل في أيّ عمر، ولا يستغربنّ القارئ العزيز أننا نساهم في تفاقم أهوال هذه المرحلة عندما نهمل صحة أجسامنا وعقولنا. لا تنس أن 95 سنة عمر جيّد إذا كان خاليًا من العللِ والأمراض المتعبة.
أيها العزيز: إذا كان العطار لا يزال عاجزًا عن إصلاح ما أفسد الدهر، فإن الطبّ تقدم كثيرًا، منذ سؤال الشاعر: وَهَل يُصلِحُ العَطّارُ ما أفسَدَ الدَّهرُ؟ الطبّ في هذه الآونة يستطيع إصلاح الكثير مما يفسد الدهر - بإذن الله - إلا الموت! فكما كانت منه سبحانه الحياة فمنه الموت! أنا وأنت نستطيع في عجالة أن نعد أشياءً كثيرة أوجد الله لها حلولًا، مما يسهل التهرب من متاعب سنوات الكبر!



error: المحتوي محمي