14 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

من البحر إلى اللوحة… فاطمة حسين الخريدة تستحضر الذاكرة البحرية بلغة لونية في «معرض الناشئين الفني الثاني»

استحضرت الفنانة التشكيلية الناشئة فاطمة حسين الخريدة الذاكرة البحرية بلغة لونية واعية، من خلال مشاركتها في «معرض الناشئين الفني الثاني» المقام في بهو بلدية محافظة القطيف، حيث قدّمت أعمالًا استلهمت مفرداتها من البحر بوصفه فضاءً بصريًا ووجدانيًا، وحاملًا للهوية والذاكرة المحلية، في تجربة كشفت عن حس فني مبكر وقدرة على تحويل البيئة إلى خطاب تشكيلي واضح.

وجاءت مشاركة الخريدة ضمن كوكبة ضمّت 10 مشاركين ومشاركات من الفئة العمرية 14 إلى 17 عامًا، قدّموا تجارب فنية متنوّعة عكست اختلاف الرؤى والأساليب لدى الجيل الجديد، في معرض تحوّل إلى مساحة مفتوحة للحوار البصري بين الأعمال والجمهور، ومنصة حاضنة لاكتشاف الطاقات الفنية الصاعدة في محافظة القطيف.

وقدّمت فاطمة عملًا تشكيليًا تناول الأسماك بوصفها عنصرًا بصريًا مرتبطًا بالبيئة الساحلية والذاكرة الشعبية، عالجته بأسلوب تعبيري اعتمد على كثافة اللون وتباين الملمس، حيث حضرت الأسماك متقاربة في كتلة واحدة، في تكوين يوحي بالترابط والجماعة، ويستدعي علاقة الإنسان بالبحر كمصدر للرزق والحياة.

واتجهت في عملٍ آخر إلى الألوان المائية، مستثمرة شفافية الخامة وتدرجات الأزرق والأخضر مع لمسات لونية دافئة، أضفت على اللوحة إحساسًا بالسيولة والهدوء، وقدّمت قراءة بصرية أكثر تأملًا، كشفت عن قدرتها على التحكم بالخامة وتوظيف خصائصها لخدمة الإحساس والمعنى.

وأبرزت الأعمال تعامل الفنانة مع اللون بوصفه حاملًا للدلالة والذاكرة، لا عنصرًا زخرفيًا، حيث جاءت الخلفيات اللونية جزءًا من البناء البصري للعمل، وأسهمت في تعزيز العمق وإبراز العناصر الرئيسة، ضمن تكوين متوازن حافظ على انسجام اللوحة وتماسكها.

وكشفت اللوحات عن وعي مبكر بإدارة المساحة والتكوين، من خلال توزيع العناصر والتحكم في التباين بين الخشن والناعم، ما منح الأعمال حضورًا بصريًا واضحًا، وأظهر قدرة الفنانة على الجمع بين الفكرة والمعالجة التقنية في إطار واحد.

واندرجت مشاركة فاطمة حسين الخريدة ضمن الأعمال التي أكدت تعامل الناشئين مع اللوحة بوصفها مساحة للتجريب وبناء الهوية الفنية، في تجربة اتسمت بالصدق في التعبير، والارتباط بالبيئة المحلية، والبحث عن لغة تشكيلية خاصة تنطلق من الذاكرة والمكان.

ويأتي «معرض الناشئين الفني الثاني» امتدادًا للحراك التشكيلي الداعم للمواهب الصاعدة في محافظة القطيف، حيث يتواصل حتى 15 ديسمبر 2025م، بتنظيم نادي «آرت سما» للفنون البصرية وجماعة الفن التشكيلي بالقطيف، وبالتعاون مع بلدية محافظة القطيف، وبرعاية إعلامية من «القطيف اليوم».

ويؤكد حضور الفنانة الناشئة فاطمة حسين الخريدة في هذا الحدث الفني على اتساع دائرة الطاقات الشابة، وقدرتها على تقديم أعمال تستلهم البيئة والذاكرة وتعيد صياغتها بلغة تشكيلية معاصرة، ضمن مسار فني يتشكّل بوعي وثقة، ويعد بحضور واعد في المشهد التشكيلي المحلي.


error: المحتوي محمي