14 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

خفايف الشبو

عبد الرحمن، ثلاثيني، بدأ في تعاطي المخدّرات في عمر عشرين سنة تقريبًا. بعد تخرّجه من المرحلة الثانوية، التحق بالكلية التقنية، إلّا أنه لم يُكمل الدراسة. عمل مندوبًا لدى شركة حلويات، وحاليًا عاطل عن العمل. لم يسبق له الزواج. قضى فترة من حياته خلف القضبان.

شجّعه والده على مراجعة مركز التأهيل لعلاج الإدمان قبل عشر سنوات، إلّا أنه لم يتوقف عن التعاطي. في الجلسة العلاجية الأولى، لم تظهر على ملامحه الرغبة في التعافي، إلّا أنّ رغبته كانت مقتصرة على ترك الشبو والاستمرار في تدخين الحشيش.

المثير في “عبد الرحمن” التزامه بالصيام خلال شهر رمضان وممارسة الطقوس الدينية بشكل منتظم، إلّا أنه كان يفطر على تمر وقهوة، ثم يبدأ باستنشاق الشبو. كان يقول لوالده إنها مجرّد “خفائف”، مدّعيًا بأنها كمية خفيفة جدًا من الشبو لا تترك ضررًا ولا أثرًا. ولكن، في إحدى ليالي العشر الأخيرة من نفس الشهر، وقف عند باب المسجد ممسكًا بدلو ممتلئ بالماء، يرشق الداخلين للمسجد مدّعيًا بأنه يُطهّرهم من الذنوب، وقد أهداه إيّاه أحد الصالحين.

أصبحت كلمة (الشبو) رائجة ومتعارفًا عليها بين جميع الفئات العمرية، خصوصًا لدى المراهقين. مادة الشبو هي نفسها مادة الميثامفيتامين، التي يمكن تدخينها أو استنشاقها أو حقنها، أو حتى تناولها عن طريق الفم. تُحفّز الميثامفيتامين إفراز الدوبامين في الدماغ، مما يُؤدي إلى مشاعر قوية من المتعة والطاقة والنشوة. وقد يُصبح الشخص مدمنًا على الشبو من أول تجربة، حيث إنّ هذا النوع من المخدّرات يُسبب اندفاعًا قويًا من الطاقة وزيادة في الثقة بالنفس.

وتُصنع مادة الشبو من الأمفيتامين (حبوب الكبتاجون) المخلوط بمجموعة متنوعة من المنتجات المنزلية، مثل حمض البطاريات، أو سائل الولّاعات، أو الطلاء.

ويؤدي تكرار تعاطي الشبو إلى انخفاض مستويات الدوبامين في الدماغ، ونتيجةً لذلك، يبحث المدمن عن مضاعفة الجرعة للحصول على النشوة التي كان يحصل عليها، مما يؤدي إلى سلوك قهري للبحث عن المخدر قد يصل إلى ارتكاب الجريمة. والاستمرار في التعاطي يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الجسدية والنفسية، بما في ذلك: زيادة معدّل ضربات القلب، وضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب، والأرق، وجنون العظمة، والعدوانية، وحتى الذُهان.

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في الترويج لمادة الشبو، حيث تُظهر المشاهد الدرامية المتعاطي في حالة نشوة عالية، سواء في مواقف رومانسية أو مشاهد إيحائية، أو في مشاهد المواجهة والمطاردة، مما يعزّز الرغبة في التجربة أو معرفة شعور المتعاطي.

وتبقى مسألة التوعية بأضرار المخدرات مبدأً أساسيًا يجب على أولياء الأمور أن يكونوا حريصين على تأصيله في أبنائهم.


error: المحتوي محمي