06 , مايو 2024

القطيف اليوم

في القطيف.. بعد 22 عامًا من العطاء وتجازوها أزمة صحية.. فيزياء الحب يجمع 80 معلمة لـ تكريم الموجهة حصة الدوسري

اجتمعت قلوب 80 معلمة من مكتب تعليم القطيف، 30 منهن متقاعدات فيما لا تزال 50 معلمة على رأس العمل؛ لتكريم موجهة الفيزياء حصة عبد الرحمن أحمد الدوسري، وذلك بعد عودتها لعملها عقب إجازة مرضية مرت في أيامها بوعكة صحية آلمت قلوب معلماتها وأحبابها حتى منّ الباري عليها بالشفاء والعافية، فكان يوم السبت الموافق 11 شوال 1445هـ عيدًا ثانيًا جمع الدوسري بأفئدة محبيها وأهلها في حفل تكريم احتفت فيه معلمات العلوم والفيزياء بموجهتهن. 

لماذا هي؟
قلما تجتمع الآراء على شخص واحد، وتتحد لأجله الحروف والكلمات والمواقف والمشاعر، لكن ذلك كلّه أبى إلا أن يتعارض ويخرج خارج الصندوق المعتاد لديه، فهي -حسب وصف معلماتها- الموجهة التي اجتمعت فيها مرادفات العمل والعطاء والخلق السامي، فقد مزجت حُب العمل ودقته والإخلاص فيه مع خُلقٍ وذوق رفيعين جعلا منها أنموذجًا مميزًا يحتذى به في العطاء والمحبة.

وعن لسان جميع معلماتها، نابت المعلمة حصة آل حجي في وصفها قائلة: كانت لنا الزائرة الضيف المرحب به دائمًا والذي يدخل السرور على قلب كل من يدخل عليه بروحها الطيبة و الإرشاد الجميل والتنويه والملاحظات الأخوية، فقد غمرها الله تعالى باللطف وجمال القلب الذي انعكس جليًا على سلوكها وأخلاقياتها فكانت مثالًا محتذى بما تبثهُ ببساطتها من أريحية ورخاء بشهادة معلماتها جميعًا. 

22 عامًا من الحب
قضت الدوسري 27 من سني حياتها في سلك التعليم، كان منها 5 سنوات في مهنة التدريس، و22 سنة في مجال التوجيه في مكتب تعليم القطيف، فكانت خلال هذه المسيرة التي تجاوزت العقدين من الزمن محطة حب وتقدير نزلها جميع معلماتها بلا استثناء.

وكانت عودتها بعد وعكتها الصحية دافعًا لتمثيل كلمة "شكرًا" لتلك السنوات التي تركت بصمتها في روح كل معلمة توجهت على يديها في مرحلةٍ ما، فكان هذا الحفل الذي تبنته المعلمة حصة آل حجي شهادة شكر عملية وإن جاءت متأخرة في وقتها -حسب وصفها-، إلا أنها مقيمة منذ أمد في نفوسهن يشهد بها اجتماعهن في حفل التكريم على الرغم من مشاغلهن وتباعد أماكنهن وتمتعهن بالإجازة الأسبوعية واختلاف مدارسهن أيضًا؛ لرد شيء من جميلها الذي لا يمكن رده بأكمله "على حد تعبيرهن".

حفلٌ وفرح
تسابقت كلمات المعلمات الفاضلات وقوافي قلوبهن في تقديم فقرات حفل التكريم والذي حضرته أيضًا الموجهة والأخت التوأم للدوسري أشجان عبد الرحمن أحمد الدوسري، فكانت آل حجي عريفة الحفل، وقد افتتحته بكلمة ترحيبية عبرت فيها عن عمق سعادتها بأن يكون منزلها جنة الأحباب، وخاصة أن الزمن قد فرق الكثيرات منهن، ليجتمعن في مبادرة طيبة لمعلمات القطيف اللواتي ليس الأمر بمستغربٍ عليهن في الاحتفاء والتقدير لمن هو أهله.

تلت الكلمة آيات من الذكر الحكيم شنفت بها آذانهن بصوت المعلمة سحر الشيخ، ثم كانت الكلمة الترحيبية بلسان جميع المعلمات لمشرفتهن وألقتها نيابة عنهن مديرة الابتدائية الأولى بتاروت بهجة الشيخ مغبطة فيها الدوسري على صدق المحبة التي أبانتها التهاليل بالألسنة والفرح في بريق الأعين معتبرة إياها لؤلوة في محارة مكنونة أخلص والدها تربيتها وصقلا فيها القيم الأخوية والإيمانية.

أعقب ذلك فقرة "المايك مفتوح" حيث تنافست المعلمات أفراح السنان وهي معلمة متقاعدة والمعلمة مها مال الله، والمعلمة فوزية الأسود في تقديم رسائل قلوبهن للمشرفة.

هي في عيونهن
تباينت المفردات واختلفت وعلت بلاغتها وسهلت، وما بين بحور الشعر وجمال النثر اتفقت الكلمة على أن الدوسري وجدت في عملها تكليفًا وأمانة تعاملت فيها مع من هن دونها في المرتبة الوظيفية ومن هن فوقها وفق قوانين سعت إلى تطبيقها بدقة وأمانة، لكنها مزجت بفيزيائها هذه القوانين بالأخلاق الراقية والمرونة الواسعة  التي أولدت عبارة (الحمد لله الذي أنعم علينا بحصة وعافانا من غير ذلك) على لسان كل معلمة شاء الحظ أن تكون موجهتها يومًا ولطالما كررت جملتها الشهيرة لمعلماتها: (أنا أعرف من أنتِ وأعرف قُدراتكِ، ولكن هي إجراءات مفروضةٌ علي)، فكانت لا تبخل بالكلمة ولا بالثناء وإن كان العمل متواضعًا، ولا تبخل بالشهادات والمكافآت في حين يندر ذلك.

والرسائل بالحب موصولة
أوصلت الدوسري شكرها الجم الذي تجلى بدموع عينيها وبشاشة محياها لمعلماتها الغاليات اللواتي أعددن هذا الحفل من أجلها وتكريمًا لها على الرغم من خجلها من ذلك، كما باحت بمكنون محبتها القديمة للقطيف وأهلها، حيث قالت في كلمتها: "حُبكم الكبير لنا.. نابع من أصل حُبنا الكبير والعميد للقطيف، فمع طول الخدمة فالجميع يتوقع أن ننتقل إلى مكان أقرب لسكننا ولكن حب القطيف وأهل الخط وهواءها يملأ قلوبنا، وللعلم فإننا في الإجازة لا بد أن نمر على القطيف لأننا نشتاقها ونتنفس هواها، فالقطيف عشقٌ لا ينتهي".

جلوة من ذهب 
لم يستطع التراث القطيفي إلا أن يكون حاضرًا في حفل التكريم، فقد اختتمت آل حجي فقرات الحفل  بجلوة من تراث القطيف للدوسري قدمتها المعلمة إمامة الربابي، حيث ألبسنها المشمر الأخضر وحفتها المعلمات من كل جانب وهن يرتدين المشامر البيضاء المطرزة في إشارة منهن لنقاء روحها، وألسنتهن ترتفع بصوت واحد بالأهازيج المبهجة التي تعبر عن مدى فرحتهن بوجودها بينهن بوافر الصحة والعافية والعطاء.

واختتم الحفل بتقديم هدية من الذهب ذات طابع تراثي، مع باقة من الورود، ليختتم بها اللقاء الذي جمع نواحي القطيف المختلفة في مكان واحد نابضٍ بالحب والتقدير.



error: المحتوي محمي