دخلنا في اليوم الأول من شهر أيلول/سبتمبر ٢٠٢٣م وفي آخره بشارات التغيير بتحسن الأجواء، أيام قليلة وتحس أنفسنا بالراحة. هو الشهر الذي يقال عنه شهر نثر البذور وفيه يقول صفيّ الدين الحلي:
وَجاءَ أَيلولٌ بِحَرٍّ فاتِرٍ ** في نُضجِ تَعديلِ الثِمارِ ما فَرَط
أَبرَزَ ما أَحرَزَ مِن آلاتِهِ ** وَحَلَّ مِن ذاكَ المَتاعَ ما رَبَط
أنا وأنتم عندنا نفوس، جمع نفس. هذه النفوس مطايا نركبها فترى أحيانًا أحدنا ذا شهادة عليا لا يستطيع السيطرة على نفسه ويبدو غبيًّا غير ذي قيمة، وآخر لديه من العلم شيء قليل يسيطر على نفسه في أصعب وأطول سباق إنساني. لو رأى القارئ الكريم بعض سباق السيارات، يعرف أن سائِقَين أحدهما لا يفوز -ويحطم السيّارة الثمينة- والثاني يحتل المرتبة الأولى والسيارة ذاتها وتبقى سالمة حتى نهاية السباق.
المهرة العربية الأصيلة تحتاج في السباق إلى فارس -خيّال- ماهر يستطيع أن يسوسها ويكبح جماحها. أما إذا ركب ظهرها من لا يعرف قيادتها لم تطاوعه وشمست به. النفس أيضًا فيها من هذا المعنى؛ رغبات الإنسان تتشابه وانحرافاته تتحد في المنشأ ويخرج من الأسرةِ الواحدة الجيّد والخبيث، الصالح والطالح. لا أدري حربًا أصعب من الحرب على هوى النفس!
كتب الإمام عليّ بن أبي طالب -عليه السلام- كتابًا طويلًا إلى عثمان بن حنيف الأَنصاري يفصل في الكتاب كيف نجح -الإمام عليّ- في السيطرة على نفسه ويعطي وصفات مفصلة كيف يغلب الإنسان نفسه. وكان عثمان وهو عامله على البصرة دُعي إلى وليمة قومٍ من أهلها فمضى إليها. جاء في فقرةٍ من الكتاب:
"وأيم الله يمينًا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضنّ نفسي رياضةً تهشّ معها إلى القرصِ إذا قدرت عليه مطعومًا، وتقنع بالملح مأدومًا، ولأدعنّ مقلتي كعين ماءٍ نضب معينها مستفرغةً دموعها. أَتمتلئ السائمةُ من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل عليّ من زاده فيهجَع؟".
يستطيع القراء الكرام أن يجدوا الخطابَ القيّم كاملًا. وعليّ -عليه السلام- أعطى دروسًا حية في قيادة النفس والسيطرة عليها، فلم ير مثله الكثير، ربانًا غلب هيجان بحور النفس ووصل بها إلى ساحلِ الرقيّ والكمال الإنسانيّ!
{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ!}؛ قيادة الأحصنة والطائرات والسيّارات وإدارة الشركات وركوب البحار، كل ذلك أسهل من قيادة النفس، فهي إما ترفع الإنسان إلى عالمِ الملكوت العلويّ أو تهوي به في عالمِ الحيوانات!
إِني بُلِيتُ بِأَرْبعٍ مَا سُلِّطُوا ... إِلاَّ لأَجْلِ شَقَاوَتي وَعَنَائِي
إِبْلِيْس والدُنْيَا ونَفْسِي وَالهَوَى ... كيفَ الخََلاصُ وكُلُّهُم أَعْدَائِي؟
إبْلِيْس يَسْلُكُ في طَرِيق مَهَالِكي ... والنَّفْسُ تَأْمُرُني بِكُلِّ بَلائِي
وأرَى الهَوَى تَدْعو إليه خَوَاطِري ... في ظُلْمَة الشُبُهَاتِ وَالآراءِ
وزَخَارِفُ الدُنيا تَقُولُ أما تَرَى ... حُسْنِيْ وفَخْرَ ملاَبِسِي وَبَهَائِي؟
{إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ ۚ}، إنما تمتنع النفس عن السقوط في الشرور والمآثم برحمة من الله سبحانه تصرفها عن السوء وتوفقها للعمل الصالح، وإلا فهي طامحة للشرّ في كلّ وقت إلا وقت رحمة ربى وعصمته لها!
وَجاءَ أَيلولٌ بِحَرٍّ فاتِرٍ ** في نُضجِ تَعديلِ الثِمارِ ما فَرَط
أَبرَزَ ما أَحرَزَ مِن آلاتِهِ ** وَحَلَّ مِن ذاكَ المَتاعَ ما رَبَط
أنا وأنتم عندنا نفوس، جمع نفس. هذه النفوس مطايا نركبها فترى أحيانًا أحدنا ذا شهادة عليا لا يستطيع السيطرة على نفسه ويبدو غبيًّا غير ذي قيمة، وآخر لديه من العلم شيء قليل يسيطر على نفسه في أصعب وأطول سباق إنساني. لو رأى القارئ الكريم بعض سباق السيارات، يعرف أن سائِقَين أحدهما لا يفوز -ويحطم السيّارة الثمينة- والثاني يحتل المرتبة الأولى والسيارة ذاتها وتبقى سالمة حتى نهاية السباق.
المهرة العربية الأصيلة تحتاج في السباق إلى فارس -خيّال- ماهر يستطيع أن يسوسها ويكبح جماحها. أما إذا ركب ظهرها من لا يعرف قيادتها لم تطاوعه وشمست به. النفس أيضًا فيها من هذا المعنى؛ رغبات الإنسان تتشابه وانحرافاته تتحد في المنشأ ويخرج من الأسرةِ الواحدة الجيّد والخبيث، الصالح والطالح. لا أدري حربًا أصعب من الحرب على هوى النفس!
كتب الإمام عليّ بن أبي طالب -عليه السلام- كتابًا طويلًا إلى عثمان بن حنيف الأَنصاري يفصل في الكتاب كيف نجح -الإمام عليّ- في السيطرة على نفسه ويعطي وصفات مفصلة كيف يغلب الإنسان نفسه. وكان عثمان وهو عامله على البصرة دُعي إلى وليمة قومٍ من أهلها فمضى إليها. جاء في فقرةٍ من الكتاب:
"وأيم الله يمينًا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضنّ نفسي رياضةً تهشّ معها إلى القرصِ إذا قدرت عليه مطعومًا، وتقنع بالملح مأدومًا، ولأدعنّ مقلتي كعين ماءٍ نضب معينها مستفرغةً دموعها. أَتمتلئ السائمةُ من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل عليّ من زاده فيهجَع؟".
يستطيع القراء الكرام أن يجدوا الخطابَ القيّم كاملًا. وعليّ -عليه السلام- أعطى دروسًا حية في قيادة النفس والسيطرة عليها، فلم ير مثله الكثير، ربانًا غلب هيجان بحور النفس ووصل بها إلى ساحلِ الرقيّ والكمال الإنسانيّ!
{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ!}؛ قيادة الأحصنة والطائرات والسيّارات وإدارة الشركات وركوب البحار، كل ذلك أسهل من قيادة النفس، فهي إما ترفع الإنسان إلى عالمِ الملكوت العلويّ أو تهوي به في عالمِ الحيوانات!
إِني بُلِيتُ بِأَرْبعٍ مَا سُلِّطُوا ... إِلاَّ لأَجْلِ شَقَاوَتي وَعَنَائِي
إِبْلِيْس والدُنْيَا ونَفْسِي وَالهَوَى ... كيفَ الخََلاصُ وكُلُّهُم أَعْدَائِي؟
إبْلِيْس يَسْلُكُ في طَرِيق مَهَالِكي ... والنَّفْسُ تَأْمُرُني بِكُلِّ بَلائِي
وأرَى الهَوَى تَدْعو إليه خَوَاطِري ... في ظُلْمَة الشُبُهَاتِ وَالآراءِ
وزَخَارِفُ الدُنيا تَقُولُ أما تَرَى ... حُسْنِيْ وفَخْرَ ملاَبِسِي وَبَهَائِي؟
{إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ ۚ}، إنما تمتنع النفس عن السقوط في الشرور والمآثم برحمة من الله سبحانه تصرفها عن السوء وتوفقها للعمل الصالح، وإلا فهي طامحة للشرّ في كلّ وقت إلا وقت رحمة ربى وعصمته لها!



